تم نقل محتويات الموقع إلى الأكاديمية الجديدة www.amr-ia.com

 

 
بحث في الموقع
تفضل هنا
 
 
 
 
علم فراسة الأسماء (تحليل الشخصية من خلال الاسم) - مفاهيم ينبغي أن تصحح
كتب سلسلة تصحيح المفاهيم

 كتابة: د. عماد النهار

مؤسس أكاديمية هالة العالمية للرقية والطب الشمولي

 

 

فهرس محتوى هذه الصفحة:

المقدمة

ما هو علم فراسة الأسماء؟

حقائق بين الاسم والمسمى

علم وليس شعوذة ودجل

تأثير الاسم على من يسمعه

ابن القيم رحمه الله والأسماء

كتب ألّفت فيمن غير أسماؤهم الرسول صلى الله عليه وسلم

أمثلة على من غيّر أسماؤهم الرسول صلى الله عليه وسلم

تغيير النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء مواضع وأماكن

الأسماء في ميزان الشريعة

الأسماء الممنوعة

تغيير الأسماء

اسم الشركة أو المنتجات يؤثر في مبيعاتها

بعض الأبحاث والدراسات

كيف تختار الاسم

أمثلة من الواقع

معرفة صفة "ذو الوجهين" من خلال الاسم

الخاتمة

 

المقدمة:

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

   فلقد تكاثرت العلوم والمعارف منذ القدم، وأُحييت كثير من العلوم والمعارف القديمة أيضا في العقود الماضية، ومهما بلغنا ومهما تعلمنا فنتذكر الآية الكريمة {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.

   وانتقلت كثير من العلوم إلينا نحن المسلمين وخاصة العرب، فمنهم من رفضها بحجة أنها قادمة من المشركين، ومنهم من تقبلها تقبلا تاما بكل ما فيها من صواب وخطأ، ومنهم من أخذها ووضع لها الأسس الإسلامية لتتوافق مع منهج أهل السنة والجماعة.

   وخرجت لنا مقالات وكتب تحارب هذه العلوم حربا قوية، ولقد اطلعت على بعضها سواء فيما يخص هذا الكتيب (علم فراسة الأسماء) أو العلوم الأخرى كالبرمجة اللغوية العصبية أو الطاقة الحيوية أو التنويم الإيحائي أو غيره، ووجدت أن هذه الكتب والمقالات ذكرت أمورا لم أرها في خلال مسيرتي في جميع هذه العلوم من خلال جميع من دربوني من عرب أو عجم، مسلمين وغير مسلمين.

   وأيضا لم أجد من واجه هذه المقالات أو بين بعض الأمور غير الصحيحة التي ذُكرت فيها لتصحيح المفاهيم، وبحثت في مواقع الإنترنت عن ردود على ذلك وتوضيح وشرح صحيح فوجدت أن كل منهم آثر الانشغال بمزيد من التعلم بدلا من الرد على هذه الكتابات التي يغلب فيها أمورا غير صحيحة وليست واقعية في أغلب المناهج التعليمية الموجودة (على الأقل في عالمنا الإسلامي).

   وقد ظهرت طائفة غير مؤهلة وتصدرت مجال الفتوى وأصبحت تكفر من يدخل في مثل هذه الدورات إذا لم يتب! وإن لم يجد فيها ما يخدش دينه! ويذكرون أمورا عدة يضحك منها من تعمق في هذا المجال، فمن أخذ دورة أو دورتين أو ثلاثة أو خمسة في مجال معين فلا يؤهله ذلك لأن يتكلم في هذا العلم كأنه متخصص، بل يطرح الأمر على المتخصصين ممن مارسوا وتعلموا وتوسعوا ليكونوا هم الذين يحكمون على مثل هذه الأمور، فالعقل لا يستطيع إدراك كل شيء، والعلم حتى الآن لم يصل لذروته ليثبت كل شيء، بل هناك أمور لا تزال محيرة ولم يوجد لها تفسير سواء في مجال الطب أو الفيزياء أو غيره، وهناك أمور لم يستطيعوا كشف أجهزة لإثباتها وتشخيصها مثل العين والحسد والسحر، ولا حتى قراءة ومعرفة هذه الموجات الضارة الممرضة الصادرة من الإنسان أو الحيوان بل وأخطرها لأنها كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي صححه الألباني: "تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر" -، فلا يحكم على الأمر إلا خبير مطلع ممارس.

   فبعضهم في مواقعهم ومقالاتهم ينقل من المصادر السيئة فقط المعتمدة أو غير المعتمدة، وبعضهم يجمع ما خالف ديننا ويظهره كأنه هو الإثبات على ضلال هذه العلوم والمعارف، وبعضهم أخذ بعض المقاطع وفسرها كما يهوى، وبعضهم أخذ جزء من بعض المقاطع الصوتية أو المرئية ليؤيد رأيه وترك المقطع المكمل فحذفه لأنه لا يوافق ما يريد الوصول إليه، وذكروا مرتكزات للتحريم لا توجد في المناهج التي نتعلم منها أو أننا يمكننا حذفها إن وُجدت لنبقى في دائرة الحلال.

   ثم قالوا: إن الأمر أصبح فيه شبهة، فأقول: إن كانت الشبهة عندكم فهذه مشكلتكم، لكنها عندنا ليست كذلك، وإن قمتم بربطها بالعقائد المنحرفة - مثل أن تقولوا أن أصلها حراما أو أن المكتشفون أو المؤسسون لها ربطوها بدينهم أو عقيدتهم-؛ فنحن نربطها بالعقيدة الصحيحة فنقول أننا نرد عليهم ربطهم الخاطئ ونرد عليهم كل ما يتعارض مع ديننا، وإن وجدنا له صلة بديننا فنغير هذه المفاهيم لما يتناسب مع ديننا، أو أننا نأخذها كعلم دنيوي بحت لا صلة له بالعقائد أصلا.

      فرأيت أن أوضح هذه الأمور بشيء من البساطة والطرح البحثي والعلمي البسيط، مع التأكيد على رابط أخوتنا الإسلامية وما أمرنا به ديننا الحنيف، فلسنا نكفر مثل بعض الجهال والمتعالمين الصغار، ولكننا نقول: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، كمن تكلم في الطب من غير الأطباء، ومن تكلم في الرقية من غير الرقاة، ولنتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تقبل الرقية من الجاهلية والتي كان فيها من الشرك لكنه رد الشرك فقط ولم يرد كامل طرق رقى الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن رقى الجاهلية "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا" ولم يلزمهم النبي صلى الله عليه وسلم بالرقية من القرآن الكريم والسنة النبوية فقط، بل يُحذف ما فيه شرك فقط ليكون الأمر حلالا، ولو كان هذا الأمر مليء بالشركيات.

   وهذا الكتيب يتحدث عن علم فراسة الأسماء، وحقيقة تأثيره على الاسم، وتغيير النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أسماء الصحابة، فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

 

محبكم في الله/ د. عماد النهار

    1 شعبان 1437هـ


 

 

ما هو علم فراسة الأسماء؟

   هو علم معرفة الشخصية وتحليلها من خلال الاسم، ولذلك كانت المقولة القديمة: "لكل امرئ من اسمه نصيب" لم تأت من فراغ، ففي كل يوم تثبت هذه المقولة صحتها، لذا فقد قام بعض علماء الأسماء والكلام بوضع صفات عامة لكل اسم تبين تأثير الاسم في شخصية حامله، ويسمى هذا العلم منذ القدم (Onomastics) أو (onomatology)، وقد استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في تغيير بعض أسماء الصحابة رضي الله عنهم جميعا وتفاؤله ببعض آخر – كما سيأتي لاحقا – وذلك لأن بعض الأسماء دلالاتها سيئة فوجب تغييرها.

   ويرجع هذا العلم لليونانيين منذ آلاف السنين، وقد استخدمه الفراعنة كذلك، ووجدت نقوش تدل على ذلك، ويرجى الرجوع للصفحة التالية (وهي باللغة الإنجليزية) للمزيد عن تاريخ هذا العلم حتى لا نطيل:

https://en.wikipedia.org/wiki/Onomastics

 

https://en.wikipedia.org/wiki/Ancient_Greek_personal_names

 

 

حقائق بين الاسم والمسمى:

تقول الأخصائية النفسية سوزان مصطفى: إن الاسم له تأثير على حياة الطفل سلباً أو إيجاباً؛ لأنه يلتصق به مدى حياته...

وتضيف: إن الأطفال أصحاب الأسماء الغريبة يلاقون الاستهزاء من الآخرين، وهذا يسبب لهم عقداً نفسية ربما تطول إلى أن يكبروا، وخاصة الذي لا يحب اسمه، وهنا تكون المشكلة حيث الطفل يتأثر بسرعة من ردة الفعل التي حوله.

ويشير الدكتور نجم الدين أنديجاني رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى إلى أن على الآباء والأمهات أن يحسنوا اختيار أسماء أبنائهم؛ لأن الأسماء الغريبة أو الشاذة أو غير المعروفة مثل "بداح" و"مريبد" و"حنش" و" نجر" و"محماس" وسواها، وخاصة تلك المستقاة من عالم الحيوان، تترك على حامليها أثراً نفسياً عميقاً وخطيراً ينعكس على الشخصية نفسها، وعلى سلوك الإنسان وحياته.

لهذا جاءت السنة الشريفة تبين خير الأسماء، ففي الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:  "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن...".

وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه غير أسماء بعض الصحابة، وتفاءل بأسماء بعضهم. فعن ابن عمر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال أنت جميلة.

وعن محمد بن عمرو بن عطاء: قال سميت ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وسميت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا: بم نسميها؟ قال: سموها زينب. أخرجهما الإمام مسلم في صحيحه.

وفي الطبراني عن يعيش الغفاري قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بناقة يوما فقال من يحلبها؟ فقال رجل: أنا، قال: ما اسمك؟ قال مرة، قال: اقعد، ثم قام آخر فقال: ما اسمك؟ قال مرة، قال: اقعد، ثم قام آخر فقال: ما اسمك؟ قال جمرة، قال: اقعد، ثم قام يعيش، فقال: ما اسمك؟ قال: يعيش، قال: احلبها . الحديث.

وإذا تقرر هذا في أسماء الأشخاص فلا يستبعد أن ينسحب الحكم على أسماء المناطق والقرى والمدن... ومعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غير اسم المدينة المنورة، كما ورد في الصحيحين:... يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد.

 

   ولما كانت الأسماء قوالب للمعاني ودالة عليها، اقتضى الله تعالى أن يكون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسب، فللأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثير في أسمائها سواء كان في الحسن أو القبح، أو الخفة والثقل، أو اللطافة والكثافة كما قال الشاعر:

وقلما أبصرت عيناك ذا لقبٍ *** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه

 

   وكان عليه الصلاة والسلام يستحب الاسم الحسن، وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى عليه الصلاة والسلام في منامه ليلة - كما في صحيح مسلم - أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع فأتوا برطب من رطب ابن طاب فأوله صلى الله عليه وسلم -أول هذا المنام- بأن لهم الرفعة في الدنيا من كلمة رافع، والعاقبة في الآخرة من كلمة عقبة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب، وذلك عندما أتي برطب ابن طاب.

   وكذلك تأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو فقال عليه الصلاة والسلام: (سهل لكم من أمركم) فتفاءل باسم سهيل عندما قدم عليه.

   ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واسمها يثرب زال عنها ما في لفظ يثرب من التثريب وحل فيها الطيبة التي تضمنها اسم طابة أو طيبة كما سماها الله عز وجل ورسوله.

 


 

علم وليس شعوذة ودجل:

   يظن كثير من الناس أن اسمه جاء جزافاً أو مصادفةً وأن لا علاقة للاسم بطبائع الإنسان وصفاته، وهذا الظن لا يتفق مع مفاهيم جاء الشرع الإسلامي بها، فالقرآن الكريم يبين لنا أن كل شيء خلقه الله عز وجل بقدر ولا مجال للمصادفة في هذا الكون العظيم الدقيق الذي أبدعه من يعلم السر وأخفى، والذي قدّر لكل دابة تسير على وجه الأرض أو تحتها أو في ظلمات البحر أو تطير في السماء رزقها وما يصيبها من خير أو شر.

   والسنّة المشرّفة وآثار السلف الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم تبين مدى اهتمام الإسلام بهذا الموضوع، وأن لكل اسم أثر يتركه على صاحبه بشراً كان، أو حيواناً أو جمادا.

   وقد استفاد السلف الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم في فراستهم من أسماء الأشخاص وصورهم الظاهرة وأحوالهم.

   كما كان للفراسة مكانتها عند العرب والمسلمين على مر العصور والأزمان، ولم تضعف مكانتها إلا في عصرنا هذا بعد أن أصبح كل من يتكلم في الفراسة يُوصم بالكهانة والشعوذة من قبل الجُهّال.

   ولا شك أن هذا نابع من الجهل بماهيّة هذه المجالات، وقد قيل في الفقه (الحُكم على الشيء فرع عن تصوره)، كما أن رفض التعامل مع مجالات الفراسة في بعض مجتمعاتنا ناتج عن جهل بمفردات تاريخية عظيمة للأمة ولسيرة السلف الكرام الذين اهتموا بهذا العلم ونبغوا فيه واشتهر بعضهم به.

   وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اهتمام واضح بالأسماء والمسميات التي يتعامل معها، فكان عليه الصلاة والسلام يسمي بعض مواليد الصحابة بنفسه، بل ويغّير بعضاً من أسماء المواليد عن ما سماه أبواه.

   ففي الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال أُتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى رسول الله حين وُلد فوضعه النبي على فخذه وأبو أسيد جالس، فلهى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ النبي، فقال رسول الله: أين الصبي؟ فقال أبو أسيد: قلبناه يا رسول الله، فقال: ما اسمه؟
قال: فلان، قال: لا، ولكن اسمه المنذر.

وقد سمّى عليه الصلاة والسلام ابنه ابراهيم بنفسه، فقد ورد في صحيح مسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وُلد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم".

   وقد روى أبو داود بإسناد حسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنكم تُدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم".

   وقد بيّن عليه الصلاة والسلام لنا ولصحابته الكرام أحسن الأسماء إلى الله ليرغبنا بالتسمية بها وباختيار الاسم الحسن والمحبب والصادق.

   فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل: عبـد الله وعبـد الرحمن ".

   كما بيّن عليه الصلاة والسلام أصدق الأسماء ليتسمى بها الناس، وبيّن أقبحها ليبتعد الناس عنها وعن أمثالها.

   فقد ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "إن أبغض اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك".

   وكذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تسمين غلامك: يساراً ولا رباحاً ولا نجاحاً ولا أفلح، فإنك تقول: أثمّ هو فلا يكون، فيقول لا".

   بل ومن اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بالأسماء كما جاء في موطأ مالك رحمه الله أنه رفض أن يحلب الشاة له رجل اسمه مُرّة، وقال له: اجلس، ثم قام رجل اسمه حرب، فقال له: اجلس، ثم قام رجل اسمه يعيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: احلب.

   وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينفر من الأسماء القبيحة ويكرهها سواءً كانت للأشخاص أو الأماكن أو القبائل أو الجبال، حتى أنه مرّ عليه الصلاة والسلام في مسيرٍ له بين جبلين فسأل عن اسمهما قيل له: مسلح ومخز، فعدل عنهما ولم يمر بينهم... [ذكر (ياقوت الحموي) في (معجمه) (10960): (قال ابن إسحاق: لما توجه رسول الله r إلى بدر, فلما استقبل الصفراء, وهي قرية بين جبلي, سأل عن جبليها ما اسماهما؟, فقالوا: يقال لأحدهما هذا مسلح, وقالوا للآخر هذا مخرىء, فكره رسول الله r المرور بينهما فتركهما يسارا وسلك ذات اليمين, ولتسمية هذين الجبلين بهذه الأسماء سبب, وهو أن عبدا لغفار كان يرعى بهما غنما لسيده, فرجع ذات يوم من المرعى, فقال له سيده: لم رجعت؟ فقال: إن هذا الجبل مسلح للغنم, وإن هذا مخرئ لها, فسميا بهما, وذلك قرئ بخط الجاحظ.اهـ].

   وفي المقابل كان يتفائل ويحب الأسماء الحسنة الصادقة، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يستنبط منها بفراسته العظيمة العديد من المعاني والأخبار بطبيعة ما سيقابلهم في حالهم تلك.. ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا جاءه سهيل بن عمرو يوم صلح الحديبية: سهُل أمركم، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لبريدة لما سأله عن اسمه قال: بُريدة، فقال: يا أبو بكر برُد أمرنا، ثم قال: ممن أنت؟ قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: سلمنا، ثم قال: ممن؟ قال من سهم قال: خرج سهمك.

   وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في ربطه بين الاسم والمسمى ما ذكره عن القبائل: "أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله".

   وقد تعلم الصحابة والسلف رضوان الله عليهم من معلمهم وقدوتهم صلى الله عليه وسلم.. فهذا ابن القيم رحمه الله تعالى يقول في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود):

   وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها فتأمل حديث سعـيد ابن المسيب عن أبيه عن جده قال: أتيت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما اسمك؟ قلت: حزن، فقال: أنت سهل، قال: لا أغيّر اسماً سمانيه أبي. قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد، رواه البخاري رحمه الله في صحيحه، والحزونة: هي الغلظة، ومنه أرض حزنة وأرض سهلة.

   وتأمّل ما رواه مالك في الموطأ عن يحي بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: ابن من؟ قال: ابن شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار، قال: بأيتها؟ قال: بذات لظى، قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا، فكان كما قال عمر رضي الله عنه.

   وهذا الحسين رضي الله عنه لما نزل وأصحابه بكربلاء، سأل عن اسمها، فقيل: كربلاء، فقال: كربٌ وبلاء!

   ومن اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بالأسماء وأثرها على الأشخاص تغيره لأسماء من حوله ومن يفدون إليه إلى أسماء حسنة المعنى غير مكروهة أو فيها تزكية.

   فقد ورد في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن زينب (بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) كان اسمها برّة، فقيل تزكي نفسها، فسمّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب.

   كما ورد عن ابن عمر أن النبي غيّر اسم عاصية وقال أنت جميلة.

ولشخص وفد إليه اسمه أصرم، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: بل أنت زرعة.

   وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: (وغيّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اسم العاصي، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب.. فسمّاه هاشماً، وسمّى حرباً سلماً، والمضطجع المنبعث، وأرضاً يقال لها عفرة خضرة، وشعب الضلالة سـماه شعب الهُدى، وبنو الزنية سماهم بني الرشدة).

   وقد ورد في الصحيحين عن أبي حميد قال: أقبلنا مع رسول الله من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال: هذه طابة، وكان يكره عليه الصلاة والسلام تسميتها يثرب كراهية شديدة.

   وأخيراً هذا قوله عليه الصلاة والسلام عن أسمائه الخمسة الشريفة والتي وردت في الصحيحين من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس علي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبيّ".

 


 

تأثير الاسم على من يسمعه:

 

قال أبو الفتح بن جني - وهو من علماء اللغة -:

   ولقد مر بي دهرٌ وأنا أسمع الاسم ولا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه ثم أكشفه فإذا هو ذلك بعينه أو قريباً منه.

 

يقول ابن القيم رحمه الله بعد سياق الكلام المتقدم:

   فذكرت ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: وأنا يقع لي ذلك كثيراً.

   فتأمل مثلاً في لفظ سعيد كيف تدل تلك الكلمة على معناها، ثم تأمل لفظ شقي كيف تدل الشين والقاف مع الياء على معنى مكروه من النفس، ولو ذكرت كلمة خنزير مثلاً إلى أحد الأشخاص الذين لا يعرفون معناها ولا يعرفون مدلول هذه الكلمة ثم سألته هل هذا الاسم حسنٌ أو قبيح؟ لكان تأثير اجتماع الخاء والنون والزاي في نفسه أثراً قبيحاً، ولقال لك: إن اسم خنزير قبيح ومدلوله قبيح، لو كان سليم الفطرة.

   وبالجملة فإن الأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها وأضداد ذلك تستدعي أسماء تناسبها أيضاً، وكما أن ذلك ثابت في الأوصاف فهو كذلك ثابت في الأعلام، وإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه وقد يحمل اسمه على فعل ما يناسب ذلك الاسم، ولهذا ترى أكثر السفلة كما يقول ابن القيم:

أسماؤهم تناسبهم، أبو لهب، وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم: محمد صلى الله عليه وسلم، عمر وهكذا، علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

 

 

ابن القيم رحمه الله والأسماء – من كتاب زاد المعاد:

فصلٌ في هديه صلّى اللّهُ عليه وسلّم في الأسماء والكُنى:

   ثبت عنهُ صلّى اللّهُ عليه وسلّم أنّهُ قال: إنّ أخنع اسمٍ عند اللّه رجُلٌ تسمّى ملك الأملاك، لا ملك إلّا اللّهُ، وثبت عنهُ أنّهُ قال: أحبّ الأسماء إلى اللّه عبدُ اللّه وعبدُ الرّحمن، وأصدقُها حارثٌ وهمّامٌ، وأقبحُها حربٌ ومُرّةُ، وثبت عنهُ أنّهُ قال: لا تُسمّين غُلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح، فإنّك تقُولُ أثمّت هُو؟ فلا يكُونُ، فيُقالُ: لا، وثبت عنهُ أنّهُ غيّر اسم عاصية وقال: أنت جميلةٌ، وكان اسمُ جُويرية برّةً فغيّرهُ رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ عليه وسلّم باسم جُويرية. وقالت زينبُ بنتُ أُمّ سلمة: نهى رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ عليه وسلّم أن يُسمّى بهذا الاسم فقال: لا تُزكّوا أنفُسكُم اللّهُ أعلمُ بأهل البرّ منكُم. وغيّر اسم أصرم بزُرعة، وغيّر اسم أبي الحكم بأبي شُريحٍ، وغيّر اسم حزنٍ جدّ سعيد بن المُسيّب وجعلهُ سهلًا فأبى، وقال السّهلُ يُوطأُ ويُمتهنُ. قال أبُو داوُد: وغيّر النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم اسم العاص وعزيزٍ وعتلة وشيطانٍ والحكم وغُرابٍ وحُبابٍ وشهابٍ، فسمّاهُ هشامًا، وسمّى حربًا سلمًا، وسمّى المُضطجع المُنبعث، وأرضًا عفرةً سمّاها خضرةً، وشعبُ الضّلالة سمّاهُ شعب الهُدى، وبنُو الزّنية سمّاهُم بني الرّشدة، وسمّى بني مُغوية بني رشدة.

 

فصلٌ في فقه هذا الباب:

اختيارُ الأسماء الحسنة لأنّ الأسماء قوالبُ للمعاني:

   لمّا كانت الأسماءُ قوالب للمعاني، ودالّةً عليها، اقتضت الحكمةُ أن يكُون بينها وبينها ارتباطٌ وتناسُبٌ، وأن لا يكُون المعنى معها بمنزلة الأجنبيّ المحض الّذي لا تعلّق لهُ بها، فإنّ حكمة الحكيم تأبى ذلك والواقعُ يشهدُ بخلافه، بل للأسماء تأثيرٌ في المُسمّيات، وللمُسمّيات تأثّرٌ عن أسمائها في الحُسن والقُبح والخفّة والثّقل واللّطافة والكثافة كما قيل:

 

وقلّما أبصرت عيناك ذا لقب ** إلّا ومعناهُ إن فكّرت في لقبه


   وكان صلّى اللّهُ عليه وسلّم يستحبّ الاسم الحسن وأمر إذا أبردُوا إليه بريدًا أن يكُون حسن الاسم حسن الوجه (لفظ الحديث: إذا بعثتم إلي رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ) أخرجه أبو الشيخ في (أخلاق النبي r) (796) من حديث أبى هريرة, وفي سنده عمر بن راشد وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات, و أخرج (البزار) من حديث بريدة بنحوه, ورجاله ثقاث فيتقوى به قاله (الارناؤوط), وقال (الألباني): صحيح) وكان يأخُذُ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى أنّهُ وأصحابهُ في دار عُقبة بن رافعٍ فأُتُوا برُطبٍ من رُطب ابن طاب، فأوّلهُ بأنّ لهُم الرّفعة في الدّنيا، والعاقبة في الآخرة وأنّ الدّين الّذي قد اختارهُ اللّهُ لهُم قد أُرطب وطاب، وتأوّل سُهُولة أمرهم يوم الحُديبية من مجيء سُهيل بن عمرٍو إليه، وندب جماعةً إلى حلب شاةٍ فقام رجُلٌ يحلُبُها، فقال ما اسمُك؟ قال مُرّةُ فقال اجلس فقام آخرُ فقال ما اسمُك؟ قال أظُنّهُ حربٌ فقال اجلس فقام آخرُ فقال ما اسمُك؟ فقال يعيشُ فقال اُحلُبها.

   وكان يكرهُ الأمكنة المُنكرة الأسماء ويكرهُ العُبُور فيها، كما مرّ في بعض غزواته بين جبلين فسأل عن اسميهما فقالُوا: فاضحٌ ومُخزٍ، فعدل عنهُما، ولم يجُز بينهُما.

   ولمّا كان بين الأسماء والمُسمّيات من الارتباط والتّناسُب والقرابة ما بين قوالب الأشياء وحقائقها، وما بين الأرواح والأجسام عبر العقلُ من كُلّ منهُما إلى الآخر كما كان إياسُ بنُ مُعاوية وغيرُهُ يرى الشّخص فيقُولُ ينبغي أن يكُون اسمُهُ كيت وكيت فلا يكادُ يُخطئُ، وضدّ هذا العبُور من الاسم إلى مُسمّاهُ كما سأل عُمر بن الخطّاب رضي اللّهُ عنهُ رجُلًا عن اسمه فقال جمرةُ فقال واسمُ أبيك؟ قال شهابٌ، قال ممّن؟ قال من الحُرقة، قال فمنزلُك؟ قال بحرّة النّار قال فأين مسكنُك؟ قال بذات لظى: قال اذهب فقد احترق مسكنُك، فذهب فوجد الأمر كذلك فعبر عُمرُ من الألفاظ إلى أرواحها ومعانيها.

   كما عبّر النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم من اسم سُهيلٍ إلى سُهُولة أمرهم يوم الحُديبية، فكان الأمرُ كذلك وقد أمر النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم أُمّتهُ بتحسين أسمائهم وأخبر أنّهُم يُدعون يوم القيامة بها، وفي هذا- واللّهُ أعلمُ- تنبيهٌ على تحسين الأفعال المُناسبة لتحسين الأسماء لتكُون الدّعوةُ على رُءُوس الأشهاد بالاسم الحسن والوصف المُناسب لهُ. وتأمّل كيف اُشتُقّ للنّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم من وصفه اسمان مُطابقان لمعناهُ وهُما أحمدُ ومُحمّدٌ، فهُو لكثرة ما فيه من الصّفات المحمُودة مُحمّدٌ ولشرفها وفضلها على صفات غيره أحمدُ فارتبط الاسمُ بالمُسمّى ارتباط الرّوح بالجسد، وكذلك تكنيتُهُ صلّى اللّهُ عليه وسلّم لأبي الحكم بن هشامٍ بأبي جهلٍ كُنيةٌ مُطابقةٌ لوصفه ومعناهُ وهُو أحقّ الخلق بهذه الكُنية، وكذلك تكنيةُ اللّه عزّ وجلّ لعبد العُزّى بأبي لهبٍ لمّا كان مصيرُهُ إلى نارٍ ذات لهبٍ كانت هذه الكُنيةُ أليق به وأوفق وهُو بها أحقّ وأخلقُ.

   ولمّا قدم النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم المدينة، واسمُها يثربُ لا تُعرفُ بغير هذا الاسم؛ غيّرهُ بطيبة لمّا زال عنها ما في لفظ يثرب من التّثريب بما في معنى طيبة من الطّيب استحقّت هذا الاسم، وازدادت به طيبًا آخر، فأثّر طيبُها في استحقاق الاسم وزادها طيبًا إلى طيبها.

   ولمّا كان الاسمُ الحسنُ يقتضي مُسمّاهُ ويستدعيه من قُربٍ قال النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم لبعض قبائل العرب وهُو يدعُوهُم إلى اللّه وتوحيده: يا بني عبد اللّه إنّ اللّه قد حسّن اسمكُم واسم أبيكُم، فانظُر كيف دعاهُم إلى عُبُوديّة اللّه بحُسن اسم أبيهم المُقتضي للدّعوة، وتأمّل أسماء السّتّة المُتبارزين يوم بدرٍ كيف اقتضى القدرُ مُطابقة أسمائهم لأحوالهم يومئذٍ فكان الكُفّارُ شيبة وعُتبة والوليد ثلاثة أسماءٍ من الضّعف، فالوليدُ لهُ بدايةُ الضّعف، وشيبةُ لهُ نهايةُ الضّعف، كما قال تعالى {اللّهُ الّذي خلقكُم من ضعفٍ ثُمّ جعل من بعد ضعفٍ قُوّةً ثُمّ جعل من بعد قُوّةٍ ضعفًا وشيبةً} [الرّومُ: 54] وعُتبةُ من العتب، فدلّت أسماؤُهُم على عتبٍ يحلّ بهم وضعفٍ ينالُهُم، وكان أقرانُهُم من المُسلمين عليّ، وعُبيدةُ والحارثُ رضي اللّهُ عنهُم ثلاثةُ أسماءٍ تُناسبُ أوصافهُم وهي العُلُوّ، والعُبُوديّةُ والسّعيُ الّذي هُو الحرثُ فعلوا عليهم بعُبُوديّتهم وسعيهم في حرث الآخرة.

   ولمّا كان الاسم مُقتضيًا لمُسمّاهُ ومُؤثّرًا فيه كان أحبّ الأسماء إلى اللّه ما اقتضى أحبّ الأوصاف إليه كعبد اللّه وعبد الرّحمن، وكان إضافةُ العُبُوديّة إلى اسم اللّه واسم الرّحمن أحبّ إليه من إضافتها إلى غيرهما، كالقاهر والقادر، فعبدُ الرّحمن أحبّ إليه من عبد القادر، وعبدُ اللّه أحبّ إليه من عبد ربّه، وهذا لأنّ التّعلّق الّذي بين العبد وبين اللّه إنّما هُو العُبُوديّةُ المحضةُ، والتّعلّقُ الّذي بين اللّه وبين العبد بالرّحمة المحضة فبرحمته كان وُجُودُهُ وكمالُ وُجُوده، والغايةُ الّتي أوجدهُ لأجلها أن يتألّه لهُ وحدهُ محبّةً وخوفًا، ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكُونُ عبدًا للّه وقد عبدهُ لما في اسم اللّه من معنى الإلهيّة الّتي يستحيلُ أن تكُون لغيره، ولمّا غلبت رحمتُهُ غضبهُ وكانت الرّحمةُ أحبّ إليه من الغضب كان عبدُ الرّحمن أحبّ إليه من عبد القاهر.


فصلٌ:
   ولمّا كان كُلّ عبدٍ مُتحرّكًا بالإرادة والهمّ مبدأُ الإرادة ويترتّبُ على إرادته حركتُهُ وكسبُهُ كان أصدق الأسماء اسمُ همّامٍ واسمُ حارثٍ إذ لا ينفكّ مُسمّاهُما حقيقة معناهُما، ولمّا كان المُلكُ الحقّ للّه وحدهُ ولا ملك على الحقيقة سواهُ كان أخنع اسمٍ وأوضعهُ عند اللّه وأغضبهُ لهُ اسمُ شاهان شاه أي ملكُ المُلُوك، وسُلطانُ السّلاطين، فإنّ ذلك ليس لأحدٍ غير اللّه فتسميةُ غيره بهذا من أبطل الباطل واللّهُ لا يُحبّ الباطل.

   وقد ألحق بعضُ أهل العلم بهذا قاضي القُضاة وقال: ليس قاضي القُضاة إلّا من يقضي الحقّ وهُو خيرُ الفاصلين الّذي إذا قضى أمرًا فإنّما يقُولُ لهُ كُن فيكُونُ.

   ويلي هذا الاسم في الكراهة والقُبح والكذب سيّدُ النّاس وسيّدُ الكُلّ، وليس ذلك إلّا لرسُول اللّه صلّى اللّهُ عليه وسلّم خاصّةً كما قال: أنا سيّدُ ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، فلا يجُوزُ لأحدٍ قطّ أن يقُول عن غيره إنّهُ سيّدُ النّاس وسيّدُ الكُلّ، كما لا يجُوزُ أن يقُول إنّهُ سيّدُ ولد آدم.


فصلٌ:
   ولمّا كان مُسمّى الحرب والمُرّة أكره شيءٍ للنّفُوس وأقبحها عندها، كان أقبحُ الأسماء حربًا ومُرّة، وعلى قياس هذا حنظلةُ وحزنٌ وما أشبهُهُما، وما أجدر هذه الأسماء بتأثيرها في مُسمّياتها، كما أثّر اسمُ حزنٍ الحُزُونة في سعيد بن المُسيّب وأهل بيته.


فصلٌ:
ولمّا كان الأنبياءُ سادات بني آدم، وأخلاقُهُم أشرفُ الأخلاق، وأعمالُهُم أصحّ الأعمال، كانت أسماؤُهُم أشرف الأسماء، فندب النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم أُمّتهُ إلى التّسمّي بأسمائهم كما في سُنن أبي داوُد والنّسائيّ عنهُ: تسمّوا بأسماء الأنبياء، ولو لم يكُن في ذلك من المصالح إلّا أنّ الاسم يُذكرُ بمُسمّاهُ ويقتضي التّعلّق بمعناهُ لكفى به مصلحةً مع ما في ذلك من حفظ أسماء الأنبياء وذكرها، وأن لا تُنسى، وأن تُذكّر أسماؤُهُم بأوصافهم وأحوالهم.

 

فصل علّةُ النّهي عن التّسمية بيسارٍ وأفلح ونجيحٍ ورباحٍ:

   وأمّا النّهيُ عن تسمية الغُلام بـ: يسارٍ وأفلح ونجيحٍ ورباحٍ فهذا لمعنًى آخر قد أشار إليه في الحديث وهُو قولُهُ: فإنّك تقُولُ أثمّت هُو؟ فيُقال: لا- واللّهُ أعلمُ- هل هذه الزّيادةُ من تمام الحديث المرفُوع أو مُدرجةٌ من قول الصّحابيّ، وبكُلّ حالٍ فإنّ هذه الأسماء لمّا كانت قد تُوجبُ تطيّرًا تكرهُهُ النّفُوسُ ويصُدّها عمّا هي بصدده كما إذا قُلت لرجُلٍ أعندك يسارٌ أو رباحٌ أو أفلحُ؟ قال لا، تطيّرت أنت وهُو من ذلك، وقد تقعُ الطّيرةُ لا سيّما على المُتطيّرين، فقلّ من تطيّر إلّا ووقعت به طيرتُهُ وأصابهُ طائرُهُ، كما قيل تعلّم أنّهُ لا طير إلّا على مُتطيّرٍ.

   فهُو الثّبُورُ بأُمّته الرّحيم بهم أن يمنعهُم من أسبابٍ تُوجبُ لهُم سماع المكرُوه أو وُقُوعهُ، وأن يعدل عنها إلى أسماءٍ تُحصّلُ المقصُود من غير مفسدةٍ هذا أولى، مع ما ينضافُ إلى ذلك من تعليق ضدّ الاسم عليه بأن يُسمّى يسارًا من هُو من أعسر النّاس ونجيحًا من لا نجاح عندهُ ورباحًا من هُو من الخاسرين فيكُونُ قد وقع في الكذب عليه وعلى اللّه، وأمرٌ آخرُ أيضًا وهُو أن يُطالب المُسمّى بمُقتضى اسمه فلا يُوجدُ عندهُ فيُجعلُ ذلك سببًا لذمّه وسبّه كما قيل:

سمّوك من جهلهم سديدًا ** واللّه ما فيك من سداد

 

أنت الّذي كونُهُ فسادًا ** في عالم الكون والفساد


فتوصّل الشّاعرُ بهذا الاسم إلى ذمّ المُسمّى به. ولي من أبيات:

وسمّيتُهُ صالحًا فاغتدى ** بضدّ اسمه في الورى سائرًا

 

وظنّ بأنّ اسمهُ ساتر ** لأوصافه فغدا شاهرًا


   وهذا كما أنّ من المدح ما يكُون ذمّا ومُوجبًا لسُقُوط مرتبة الممدُوح عند النّاس فإنّهُ يُمدحُ بما ليس فيه، فتُطالبُهُ النّفُوسُ بما مُدح به وتظُنّهُ عندهُ فلا تجدُهُ كذلك فتنقلبُ ذمّا، ولو تُرك بغير مدحٍ لم تحصُل لهُ هذه المفسدةُ، ويُشبهُ حالُهُ حال من ولي ولايةً سيّئةً ثُمّ عُزل عنها، فإنّهُ تنقُصُ مرتبتُهُ عمّا كان عليه قبل الولاية وينقُصُ في نفُوس النّاس عمّا كان عليه قبلها، وفي هذا قال القائلُ:

إذا ما وصفت امرءًا لامرئٍ ** فلا تغلُ في وصفه واقصد

 

فإنّك إن تغلُ تغلُ الظّنُو ** نُ فيه إلى الأمد الأبعد

 

فينقُصُ من حيثُ عظّمته ** لفضل المغيب عن المشهد


   وأمرٌ آخرُ وهُو ظنّ المُسمّى واعتقادُهُ في نفسه أنّهُ كذلك فيقعُ في تزكية نهى النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم لأجله أن تُسمّى برّةُ وقال: لا تُزكّوا أنفُسكُم اللّهُ أعلمُ بأهل البرّ منكُم، وعلى هذا فتُكرهُ التّسميةُ بـ: التّقيّ والمُتّقي، والمُطيع والطّائع والرّاضي، والمُحسن والمُخلص والمُنيب والرّشيد والسّديد. وأمّا تسميةُ الكُفّار بذلك فلا يجُوزُ التّمكينُ منهُ ولا دُعاؤُهُم بشيءٍ من هذه الأسماء ولا الإخبارُ عنهُم بها، واللّهُ عزّ وجلّ يغضبُ من تسميتهم بذلك.

 

 

كتب ألّفت فيمن غير أسماؤهم الرسول صلى الله عليه وسلم:

 لقد سبق أن ذكر بعض أهل العلم من غير أسماءهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها:

1- الحافظ ( جلال الدين السيوطي) رحمه الله له (جزء من غيّر النبي r أسماؤهم ) ذكره في ( فهرست مؤلفاته)(رقم 328).

2- وتلميذه الشيخ العلامة (شمس الدين ابن طولون الصالحي) المتوفى سنة 953 هـ له كتاب: (الزهر البسام فيمن سماه النبي عليه السلام), ذكره في كتابه: (الفلك المشحون) (رقم 372).

3- وللشيخ (محمد المدني بن جلون المغربي) المتوفى سنة 1298هـ (تقييد) في بعض من غير المصطفى r اسمه , وقد طبع قديما على الحجر بفاس دون تاريخ في 24 صفحة [1].

4- وللشيخ (عبد الرحمن بن بن جعفر الكتاني) المتوفى سنة 1334هـ (تأليف) فيمن بدل النبي r أسماءهم من الصحابة [2].

5- كتاب (نقعة الصّديان) تصنيف العلامة إمام اللغة الشيخ (رضي الدين الحسن بن محمد الصاغاني) رحمه الله المتوفى سنة 650هـ ذكر فيه (ص135) فصلا في الذين غيّرّ النبي r أسماؤهم, وعدتهم (62) شخصا.

 


 

أمثلة على من غيّر أسماؤهم الرسول صلى الله عليه وسلم:

أخرج (الطبراني) في ((معجمه الأوسط)) (8618) قال: حدثنا مسعود بن محمد الرملي, نا عمران بن هارون, نا ابن لهيعة, نا بكر بن سوادة, عن سهل بن سعد t قال:

"كان رجل من أصحاب رسول الله r اسمه أسود, فسماه رسول الله r أبيض".

قال الطبراني:لا يروى عن سهل بن سعد إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن لهيعة. اهـ

قال (الهيثمي) في ((مجمع الزوائد))(8\58\12890): إسناده حسن. اهـ

 

أخرج (النسائي) في ((عمل اليوم والليلة)) (313), وهو في ((سننه الكبرى)) (10145) قال: أخبرنا أحمد بن سليمان, قال حدثنا سعيد بن مروان الأزدي, من أهل الرها, قال حدثنا عصام بن بشير قال حدثني أبي:

(إن بني الحارث بن كعب وفدوا إلى رسول الله r ,قال: فدخلت على النبي r فسلمت عليه, فقال: مرحبا وعليك السلام من أين أقبلت؟ فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي, بني الحارث وفدوني إليك بالإسلام, فقال: مرحبا بك , ما اسمك؟ , قلت: اسمي أكبر, قال: بل أنت بشير، فسماه النبي r بشيرا).

وأخرجه أيضا (ابن السني) في ((عمل اليوم والليلة)) (189) (أبو نعيم الأصبهاني) في ((معرفة الصحابة)) (1250) و(الحاكم) في ((المستدرك))(4\275\7797) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

 

أخرج (البخاري) في ((صحيحه)) (5936) قال: حدثنا إسحاق بن نصر, حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر, عن الزهري, عن ابن المسيب, عن أبيه:

(أن أباه جاء إلى النبي r فقال: ما اسمك؟ , قال: حزن , قال: أنت سهل, قال: لا أغير اسما سمانيه أبي, قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد).

وأخرجه أيضا في ((الأدب المفرد)) (841) و(أبو داود) في ((سننه)) (4956) ولفظه:

(قال: أنت سهل, قال: لا, السهل يوطأ ويمتهن, قال سعيد: فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة).

قال (الألباني) رحمه الله: صحيح ((صحيح أبى داود)) (4146).

 

أخرج (البخاري) في ((الأدب المفرد)) (823) قال: حدثنا أبو نعيم, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن هانئ بن هانئ, عن علي t قال:

(لما ولد الحسن t سميته حربا, فجاء النبي r فقال: أروني ابني, ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: بل هو حسن, فلما ولد الحسين t سميته حربا, فجاء النبي r فقال: أروني ابني, ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: بل هو حسين, فلما ولد الثالث سميته حربا, فجاء النبي r فقال: أروني ابني, ما سميتموه؟ قلنا: حربا، قال: بل هو محسن, ثم قال: إني سميتهم بأسماء ولد هارون, شَبَرٍ وشُبَيرٍ ومُبشِّرٍ).

ورواه (الإمام أحمد) في ((مسنده)) (1\98\769و953) و(البزار) (1996) إلا أنه قال:

( سميتهم بأسماء ولد هرون جَبَرٍ وجُبَيرٍ ومُجَبِّرٍ)

وقال الحافظ في ((الإصابة)) (6\192\8308): إسناده صحيح.

قال الشيخ: (شعيب الأرنؤوط): إسناده حسن.

 

ذؤيب بن شعتم  كان اسمه (الكلابي), فسماه النبي r: (ذؤيبا), وذكر (الصاغاني) في ((نقعة الصديان)) أن اسمه:

(الكلاح) [3].

أخرج (أبو نعيم) في ((معرفة الصحابة))(2604) قال: ثنا محمد بن أحمد بن أبى الفضل المروزي, ثنا محمد بن علي المروزي, ثنا إبراهيم بن محمد بن مرزوق, حدثني بلال بن مرزوق بن ذؤيب بن رديح بن ذؤيب ,حدثني أبي عن أبيه عن جد أبيه ذؤيب:

(أنه أتى النبي r وعلى رأسه شعر قائم, فقال النبي r: ما اسمك؟, قال: الكلابي, فقال النبي r: أنت ذؤيب, بارك الله فيك, ومتع بك أبويك).

[في نسخة:صوابه محمد بن محمد بن مرزوق وإبراهيم وهم].

وعزاه الحافظ في ((الإصابة)): لابن منده.

 

زرعة الشقري كان اسمه (أصرم)، فسماه النبي r: (زرعة):

قال (الخطابي) رحمه الله في ((معالم السنن)) (4\118): إنما غير اسم ( الصرم ) لما فيه من معنى الصرم, وهو القطيعة، يقال: صرمت الحبل إذا قطعته, وصرمت النخلة إذا جددت ثمرها.اهـ

أخرج ((أبو داود) في ((سننه)) (4954) قال: حدثنا مسدد, ثنا بشر يعني بن المفضل قال حدثني بشير بن ميمون,عن عمه أسامة بن أخدري:

(أن رجلا يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله r , فقال رسول الله r: ما اسمك؟ قال:أنا أصرم، قال: بل أنت زرعة).

وأخرجه (الحاكم) في ((مستدركه)) (4\276\7801) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.اهـ

قال (الألباني) رحمه الله: صحيح ((صحيح أبى داود))(4144).

 

سعيد بن يربوع القرشي المخزومي وكان اسمه (الصرم)، فسماه النبي r: (سعيدا):

أخرج (الطبراني) في ((معجمه الكبير)) (6\66\5528) قال: حدثنا معاذ بن المثنى, ثنا علي بن المديني ( ح ) وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي, ثنا ليث بن هارون العكلي ( ح ) وحدثنا موسى بن هارون, ثنا عبد الله بن عمر بن أبان, قالوا ثنا زيد بن الحباب, دثني عمر بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي, حدثني جدي عن أبيه سعيد:

(أن رسول الله r قال له: أينا أكبر؟ قال: أنت أكبر , وخير مني, وأنا أقدم سنا, فسماه سعيدا, وقال: الصرم قد ذهب) يعني كان اسمه: الصرم.

قال (الهيثمي) في ((المجمع)) (8\55\12873): رواه (الطبراني) بأسانيد, و(البزار) (1994) باختصار, ورجاله ثقات.اهـ

وأخرج (البخاري) في ((الأدب المفرد)) (822) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر, قال حدثنا زيد بن حباب, قال حدثني بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي:

(وكان اسمه الصرم , فسماه النبي r: سعيدا).

 

عاقل بن البكير الليثي وكان اسمه (غافلا), فسماه النبي r: (عاقلا):

قال الحافظ في ((الإصابة)):كان من السابقين الأولين, وشهد بدرا هو وإخوته, إياس و عمالة و عامر, واستشهد عاقل ببدر, قاله موسى بن عقبة, وابن إسحاق وغيرهما.

قال الحافظ (شمس الدين ابن قيم الجوزية) رحمه الله في كتابه ((تحفة المودود)) (ص 113): في ((جامع ابن وهب)):

(أن رسول الله r أتي بغلام, فقال: ما سميتم هذا؟ قالوا: السائب, فقال:لا تسموه السائب, ولكن عبد الله، قال: فغلبوا على اسمه، فلم يمت حتى ذهب عقله).

 

عتبة بن عبد أبو الوليد السلمي كان اسمه (عتله), وقيل (نُشبة), فسماه النبي  r (عتبة):

قال (الخطابي) في ((المعالم)) (4\118): عتلة معناها الشدة والغلظة, ومنه قولهم رجل عتل, أي شديد غليظ, ومن صفة المؤمن اللين والسهولة, وقال r: (المؤمنون هينون).اهـ - حسنه الألباني.

 

عفيف: والد غطيف مولى عبد الله بن أبى قيس كان اسمه (عازبا), فسماه النبي  r (عفيف):

قال (البخاري) في ((تاريخه الكبير)) ( 5\172) قال: أبو المغيرة, حدثنا عتبة بن ضمرة, حدثنا عبد الله بن أبي قيس مولى عطيف بن عفيف:

(سمع عائشة رضي الله عنها قالت:من أنت؟, قال: رجل من الشام, عبد الله مولى عطيف بن عازب, قالت: ابن عفيف؟ قال: نعم).

وقال هشام بن عمارة حدثنا بن عباس حدثنا محمد بن زياد الألهاني عن عبد الله بن أبي قيس:

(حججت مع عطية بن عازب المصري , قالت عائشة: ابن عفيف؟ وكان النبي r سماه عفيفا).

 

قال (أبو نعيم) في ((المعرفة)) (3745) قال: حدثنا محمد, ثنا سهل بن السري, ثنا محمد بن حامد بن حفص, ثنا عتاب بن الخليل, عن معاذ بن هانئ, ثنا أحمد بن الهيثم بن أبى الهيثم, ثنا عبد الله بن الوليد العبسي, حدثني يزيد بن شهاب بن خرقة, عن أبيه قال:

(قال لي النبي r: ما اسمك؟ قلت: شهاب بن خرقة, قال: بل أنت مسلم بن عبد الله).

قال الحافظ (ابن حجر): جاء في حديث صحيح, أخرجه (أبو داود) في كتاب ((الكنى)), عن محمد بن إسماعيل بن سالم عن محمد بن فضيل ووكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها:

"أن رسول الله r مر برجل يقال له (المضطجع), فسماه (المنبعث)".

وأخرجه عن محمد بن عبد الله بن يزيد عن بن عيينة, عن هاشم, عن أبيه, فأرسله, ولم يذكر عائشة.

وكذا رواه (ابن شاهين) من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام ولفظه:

(أن النبي r كان يغير الاسم القبيح إلى الاسم الحسن, فقال لرجل: ما اسمك؟ فذكره...)

 

جميلة بنت ثابت أبي الأفلح الأوسية كان اسمها (عاصية), فسماها النبي r (جميلة), زوج عمر بن الخطاب t, تكنى أم عاصم,  تزوجها سنة سبع, فولدت له عاصم بن عمر.

أخرج (ابن مندة) من طريق هشام بن حسان, عن واصل بن أبي شيبة قال:

(كان اسم امرأة عمر t عاصية, فأسلمت فأتت عمر, فقالت: قد كرهت اسمي فسمين, فقال: أنت جميلة, فغضبت وقالت: ما وجدت اسما تسميني به إلا اسم أمة, فأتت النبي r فقالت: يا رسول الله, إني كرهت اسمي, فقال: أنت جميلة, فغضبت يعني وذكرت قول عمر, فقال: أما علمت أن الله عند لسان عمر وقلبه).

وأخرج (ابن سعد) في ((طبقاته)) (5\15) قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبى أويس, عن سليمان بن بلال, عن عبيد الله بن عمر, عن نافع قال:

(غير النبي r اسم أم عاصم, وكان اسمها عاصية, فقال: لا,  بل أنت جميلة).

 

أخرج الإمام (مسلم) في ((صحيحه)) (2140) قال: حدثنا عمرو الناقد, وابن أبي عمر واللفظ لعمرو, قالا حدثنا سفيان, عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة, عن كريب, عن ابن عباس t قال:

(أن جويرية اسمها برة, فحول رسول الله r اسمها جويرية, وكان يكره أن يقال خرج من عند برة). وأخرجه (البخاري) في ((الأدب المفرد))(831) و(ابن حبان) في ((صحيحه)) (5829).

حسانة المزنية كان اسمها (جثامة), فسماها النبي  r: (حسانة):

أخرج (الحاكم) في ((مستدركه)) (1\15\41) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب, ثنا محمد بن إسحاق الصغاني, ثنا أبو عاصم, ثنا صالح بن رستم, عن ابن أبي مليكة, عن عائشة رضي الله عنها قالت:

(جاءت عجوز إلى النبي r وهو عندي, فقال لها رسول الله r:من أنت؟ قالت: أنا جثامة المزنية, فقال: بل أنت حسانة المزنية, كيف كنتم, كيف حالكم, كيف أنتم بعدنا؟, قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله.

فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تأتينا زمن خديجة, وإن حسن العهد من الإيمان)

قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين, فقد اتفقا على الاحتجاج برواته في أحاديث كثيرة, و ليس له علة.

وأخرجه أيضا (ابن الأعرابي) في ((معجم شيوخه)) (774) قال: ثنا محمد ثنا الضحاك بن مخلد, ثنا صالح بن رستم به.

 

 

زينب بنت جحش أخرج (البخاري) في ((صحيحه)) (5839) قال حدثنا صدقة بن الفضل, أخبرنا محمد بن جعفر, عن شعبة, عن عطاء بن أبي ميمونة, عن أبي رافع, عن أبي هريرة t:

(أن زينب كان اسمها برة, فقيل تزكي نفسها, فسماها رسول الله r زينب).

 


 

تغيير النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء مواضع وأماكن:

   [ خضرة ]: كانت تسمى (غدرة), وقيل (عفرة) فغيره النبي r:

قال (الخطابي) في ((المعالم)) (4\119): عفرة نعت للأرض التي لا تنبت شيئا أخدت من العفر, وهي لون الأرض فسماها خضرة على معنى التفاؤل لتخضر وتمرع.اهـ

أخرج (ابن حبان) في ((صحيحه)) (5821) قال: أخبرنا الحسن بن سفيان, قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير, قال حدثنا عبدة بن سليمان بن هشام بن عروة عن أبيه, عن عائشة رضي الله عنها:

(أن النبي r مر بأرض تسمى غدرة, فسماها خضرة).

 

[شعب الهدى]: كان اسمه: (وادي الضلالة), فغيره النبي r , ذكره (أبو داود) في ((سننه)), ولم يسنده (بعد الحديث 4959).

 

 

[طيبة أو طابة والمدينة]: كان اسمها (يثرب), فغيره النبي r:

قال الحافظ (ابن القيم الجوزية) في كتابه ((تحفة المودود)) (ص227):

غير النبي r اسم المدينة, وكان (يثرب), فسماها (طابة) كما في ((الصحيحين)) [4] عن أبي حميد t قال:

(أقبلنا مع رسول الله من تبوك حتى أشرفنا على المدينة, فقال: هذه طابة).

 

 

الأسماء في ميزان الشريعة:

   في عالم اليوم غفل كثير من المسلمين عن الآداب الإسلامية العظيمة في أسمائهم وكناهم وألقابهم، وقد حرص الإسلام على تثبيت الأسماء الحسنة أيا كانت، حتى في فروض الصلاة، فعن ‏ابن عمر رضي الله عنه ‏عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم أنه ‏قال: "‏لا تغلبنكم ‏الأعراب ‏على اسم صلاتكم ألا وإنها العشاء" ففي هذا الحديث: حذر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يغلب عليهم تسمية الأعراب لصلاة العشاء بصلاة العتمة، وأمرهم أن يسموها الاسم الشرعي صلاة العشاء.

   ولعلاقة بعض الأسماء التي يطلقها العباد بأسماء الله وصفاته كان من أكبر الجرائم: منازعةُ الله سبحانه وتعالى في اسم من أسمائه أو صفة من صفاته، روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن أخنع اسم عند الله: رجل تسمى ملك الأملاك؛ لا ملك إلا الله" [رواه البخاري] ويدخل في هذا ما يسمي به الأعاجم ملوكهم "شاهٍ شاه" فإن معناه: ملك الملوك، وروى أبو داود في سننه عن هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه عليه الصلاة والسلام فقال "إن الله هو الحكم، وإليه الحُكم، فلا تكنّى بأبى الحكم، قال يا رسول الله: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فكنوني: أبا الحكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا، ثم قال له عليه الصلاة والسلام: فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلمة وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح"، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يسموا بأسماء يحبها الرب جل وعلا، قال عليه الصلاة والسلام "إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن" وعن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة قال: ذهب أبي مع جدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "ما اسم ابنك؟ قال: عزيز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسمه عزيزاً ولكن سمه عبد الرحمن، ثم قال: أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن والحارث" [أخرجه الإمام أحمد].

   ومن حقوق الولد على والده إحسان تسميته، ففي الصحيحين "أنه صلى الله عليه وسلم أُتي له بالمنذر بن أبي أسيدٍ حين وُلد، فوضعه على فخذه، فأقاموه، فقال: أين الصبي؟ فقال أبو سعيد: قلبناه يا رسول الله -أي: رددناه- قال: ما اسمه؟ قالوا: فلان - وكأنه لم يعجبه اسمه صلى الله عليه وسلم - فقال عليه الصلاة والسلام: ولكن سمّه المنذر" وروى مسلم في صحيحه "أنه عليه الصلاة والسلام غير اسم عاصية -بنت سماها أهلها عاصية- إلى جميلة، وأتي برجل يقال له: أصرم – مأخوذ من الصرامة - فسماه صلى الله عليه وسلم زُرعة" [رواه أبو داود] وكان صلى الله عليه وسلم إذا سمع بالاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه، وإن كانت أراضي وأمكنة، ففي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مر على قرية يقال لها: عثرة، فسماها خُضرة، وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله سمى المدينة طيبة أو طابة" وكره أن تسمى بالاسم الجاهلي يثرب من التثريب وهو العيب.

   وعندما قدم حزن رضي الله عنه الصحابي الجليل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جد سعيد بن المسيّب العالم المشهور رحمه الله، غيّر النبي صلى الله عليه وسلم اسمه إلى سهل، فقال له الرجل: لا أغير اسماً سمانيه أبي، يقول سعيدٌ بن المسيب رحمه الله: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد" [أي الشدة والصلابة والعسر].

   وقد يكون تغيير الاسم لمعنى آخر لا لقبحه وكراهيته كأن يشتمل على تزكية ونحو ذلك، ففي الأدب المفرد للبخاري عن محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن عمر بن عطاء: أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فسألته عن اسم أخت له عنده، قال فقلت: اسمها برة، قالت: غير اسمها فإن النبي عليه الصلاة والسلام نكح زينب بنت جحش واسمها برة، وقال: لا تزكوا أنفسكم فإن الله أعلم بالبرة منكن والفاجرة"، ويدخل في هذا كراهية التسمية بالتقي والمتقي والمطيع والطائع والراضي والمخلص والمنيب والرشيد والسديد كما ذكر ابن القيم رحمه الله، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم التسمي بالأسماء القبيحة، فقال عليه الصلاة والسلام "لئن عشت إن شاء الله لأنهين أن يسمى رباح ونجيح وأفلح ويسار"، وفي رواية "لأنهين أن يسمين بنافعة وبركة ويساراً"، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال "لا تسم غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح" لما في هذه الأسماء من التشاؤم والتزكية.

   وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه التفاؤل حتى في الأسماء، فقد جاء في الحديث الصحيح "أنه كان صلى الله عليه وسلم يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد" أي من الرشاد والنجاح.

   ومن الأسماء المحرمة الأسماء المعبدة لغير الله، كعبد الجن، وعبد الدار، وعبد الكعبة، لأنها ليست من أسماء الله الحسنى، ويدخل في هذا كل اسم عُبّد لكنه لم يثبت لله كعبد العال وعبد الوحيد، وعبد المقصود، وعبد الرشيد فهذه كلها ليست من أسماء الله، أو التسمية بأسماء خاصة بالله عز وجل، كالأحد، والصمد، والخالق، والرزاق، أو بصفة من صفاته كالقاهر والظاهر، ومما يجوز التسمي به: التمسي بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم، قال البخاري في صحيحه: باب من تسمى بأسماء الأنبياء، وساق حديثاً عن إسماعيل قال: "قلت لأبي أوفى رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مات صغيراً، ولو قُضي أن يكون بعد محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً، عاش ابنه ليكون نبياً من بعده، ولكن لا نبي بعده".

   ومما يُمنع من التسمية به: أسماء القرآن وسوره، مثل طه ويس وحم، وقد نص الإمام مالك على كراهية التسمية بيس، وأما ما يذكره العوام من أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فلا دليل عليه، ومن البدع الحاصلة في هذه الأيام: تسمية الأولاد بطريقة فتح المصحف، يفتحون المصحف فإذا وقعوا على اسم من الأسماء سموه للولد أو للبنت، وهذه طريقة مبتدعة، ولو كانت خيراً لسبقنا السلف إليها، ومن تأمل السنة النبوية وجد معاني في الأسماء مرتبطة بها، وكأن الأسماء مشتقة من تلك المعاني، ومن تلك الأسماء قوله عليه الصلاة والسلام" أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله".

    والأحداث التاريخية تخبر بأن أسلم وغفار قبيلتان أسلمتا لله رب العالمين وجاء أفرادهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعين مخبتين، وأما عصية فإنها حاربت الله ورسوله واشتركت مع رعل وذكوان في قتل أصحابه عليه الصلاة والسلام، ولما نزل الحسين رضي الله عنه وأصحابه في كربلاء، سئل عن اسمها، فقيل له: كربلاء، فقال سبحان الله: كرب وبلاء، وكان ذلك فعلاً.

   ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال لها: من أنت؟ قالت: امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟ قالت: حليمة، قال: بخٍ بخٍ سعدٌ وحلمٌ.. هاتان خلتان فيهما غناء الدهر.

   ومما ينبغي الحذر وعدم الوقوع فيه: التلاعب بالأسماء المعبدة لله عز وجل، كعبد الرحمن فلا يصح أن يقال: رحم، أو دحيم أو دحيّم أو دحمان أو دحمي ونحو ذلك، وإنما يبقى الاسم المعبد لله كما هو، قال ابن حبان رحمه الله: دحيم تصغير دحمان، ومعناه، الرجل الخبيث.

   ومن المنكرات الحادثة في التسميات ما يلجأ إليه بعض الناس ممن رق دينهم أن يسموا أولادهم بأسماء الممثلين والممثلات أو المغنين والمغنيات، فلا يتورع الأب المسئول من أن يسمي ابنته على اسم مغنية أو ساقطة من الساقطات كونه معجبٌ بها، أو يكون الباعث على التسمية ليس إرضاء الله وإنما اتباعاً لذلك المغنّي، كمن يسمي "عبد الحليم" فهو اسمٌ حسن والحليم من أسماء الله، ولكن الباعث للتسمية ليست لأجل الاسم أكثر منها إعجابا بصاحب الاسم، ومن المنكرات أيضا التسمية بأسماء تكره النفوس معانيها، كحرب ومرة وحية وحنش وثعلب وثعيلب وثعيل وكليب وخنفس وخنيفس، أو التسمية أحياناً بأسماءٍ ذات ألفاظ وحشية كخربوش وعجيريف من العجرفة أو طفشير ونحو ذلك، وهذه أسماء واقعة في أهل البادية أكثر من غيرهم.

   ومن المنكرات أيضا التسمي بأسماء قبيحة المعنى مثل عناد وعقاب وغسيس وغصاب وعاشق ومتروك وخايس نحو ذلك، وأما بالنسبة لأسماء البنات فحدث ولا حرج عما حدث فيها من التلاعب والتغيير والابتعاد عن آداب الإسلام وهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيها، فمن الأسماء المنكرة ما يسمى به بعض الناس بناتهم باسم فتنة أو فاتن، والنبي صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من الفتن، أو أن تكون الأسماء شبيهة بأسماء الكفار كمنوليا أو مايا أو هايدي أو ليندا أو سالي أو لارا ونحو ذلك، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟" وبعض الناس لا تتعدى نظرتهم أرنبة أنوفهم، فلا يفكرون في مستقبل بناتهم، فهذه البنت التي سميت ميمي مثلا كيف يكون موقفها من أبنائها وأحفادها إذا أصبحت جدة.

   عباد الله: ارجعوا إلى كتب أسلافكم، ارجعوا إلى كتب العلماء، انظروا ماذا سمى الصحابة والتابعون بناتهم، كان من أسماء المسلمات في الماضي: آمنة وأروى وأسماء وأمامة وجمانة وحكيمة وحُسانة "جاءت عجوزٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن اسمها فقالت: جثامة المزنية، فقال: بل أنت حسانة".

   ومن الأسماء: أمينة وأنيسة وحليمة ورقية وزينب وشفاء وصفية وعائشة وفاضلة وفاطمة ولبابة ولبنى ونائلة ونسيبة وهند، إلى غير ذلك من الأسماء التي طفحة بها كتب الأعلام في الماضي.


 

 

الأسماء الممنوعة:

جاء في موقع إمام المسجد ما نصه: لقد ذكر العلماء أن الأسماء الممنوعة في الشريعة على نوعين:

النوع الأول: أسماء دلت النصوص على تحريم التسمي بها، وهي على أنواع:

أولاً: اتفق المسلمون على أنه يحرم كل اسم معبد لغير الله -تعالى-؛ من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك؛ مثل: عبد الرسول، عبد النبي، عبد علي، عبد الحسين.

ثانياً: التّسمية باسم من أسماء الله -تبارك وتعالى-، فلا تجوز التّسمية باسم يختص به الرب سبحانه؛ مثل: الرحمن، الرّحيم، الخالق، البارئ.

ثالثاً: التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم، والمسلم المطمئن بدينه يبتعد عنها، وينفر منها، ولا يحوم حولها، وقد عظمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أوروبا وأمريكا وغيرهما، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان، ومنها: بطرس، جرجس، جورج، ديانا، روز، سوزان... وغيرها.. وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم؛ إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن؛ فهو معصية كبيرة وإثم، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين؛ فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها. وتغييرها شرط في التوبة منها.

رابعاً: التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله، ومنها: اللات، العزى، إساف، نائلة، هُبل...

خامساً: التسمّي بالأسماء الأعجمية؛ تركية، أو فارسية، أو بربرية أو غيرها مما لا تتسع له لغة العرب ولسانها، منها: ناريمان، شيريهان، نيفين، شيرين، شادي -بمعنى القرد عندهم! - جهان.

سادساً: كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسمّى، فيحمل من الدّعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال؛ ومنه ما ثبت في الحديث أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمّى ملك الأملاك...). ومثله قياساً على ما حرّمه الله ورسوله: سلطان السّلاطين، حاكم الحكّام، شاهنشاه، قاضي القضاة، وكذلك تحريم التسمية بمثل: سيد النّاس، سيد الكل، سيد السّادات، ست النسّاء. ويحرم إطلاق "سّيد ولد آدم" على غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديث زينب بنت أبي سلمة –رضي الله عنها– أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تزكوا أنفسكم؛ الله أعلم بأهل البر منكم).

سابعاً: التسمي بأسماء الشياطين، قال ابن القيم: "التّسمية بأسماء الشّياطين؛ كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع"، وقد وردت السنة بتغيير اسم من كان كذلك.

النوع الثاني: أسماء مكروهة، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:

الصنف الأول: تكره التسمية بما تنفر منه القلوب؛ لمعانيها، أو ألفاظها، أو لأحدهما؛ لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم؛ فضلا عن مخالفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحسين الأسماء: ومنها: حرب، مُرّة، خنجر، فاضح، فحيط، حطيحط، فدغوش... وهذا في الأعراب كثير، ومن نظر في دليل الهواتف رأى في بعض الجهات عجباً!، ومنها: هُيام وسُهام؛ بضم أولهما: اسم لداء يُصيب الإبل. ومنها: رحاب وعفلق، ولكل منهما معنىً قبيح. ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.

الصنف الثاني: يكره التسمّي بأسماء فيها معان رخوة شهوانية، وهذا في تسمية البنات كثير، ومنها: أحلام، غادة "وهي التي تتثنّى تيهاً ودلالاً"، فتنة، نهاد، وصال، فاتن "أي بجمالها"، شادية "وهي المغنية أو المترنمة".

الصنف الثالث: يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق الماجنين من الممثّلين والمطربين وعُمّار خشبات المسارح باللهو الباطل. ومن ظواهر فراغ بعض النفُّوس من عزة الإيمان: أنهم إذا رأوه مسرحيةً فيها نسوةٌ خليعات؛ سارعوا مُتهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها، ومن رأى سجلاّت المواليد التي تزامن العرض؛ شاهد مصداقيّة ذلك... فإلى الله الشكوى.

الصنف الرابع: يُكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية؛ كمثل "ظالم بن سرّاق"، فقد ورد أنّ عثمان بن أبي العاص امتنع عن تولية صاحب هذا الاسم لمّا علم أنّ اسمه هكذا.

الصنف الخامس: تكره التسمية بأسماء الفراعنة والجبابرة ومنها: فرعون، قارون، هامان... ومنهُ التّسمية بأسماء فيها معان غير مرغوبة؛ كمثل: "خبيّة بن كنّاز"؛ فقد ورد أن عمر -رضي اللهُ عنه- قال عنهُ: "لا حاجة لنا فيه ؛ هُو يخبّئُ، وأبوهُ يكنزُ".

الصنف السادس: يُكره التسمّي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصّفات المستهجنة، ومنها التّسمية بما يلي: حنش، حمار، قُنفذ، قُنيفذ، قردان، كلب، كُليب.

الصنف السابع: تُكره التّسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مُشبّهة مضافة إلى لفظ "الدين" ولفظ "الإسلام"؛ مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام.. وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين "الدين" و "الإسلام"، فالإضافة إليهما على وجه التّسمية فيها دعوى فجّة تطل على الكذب، ولهذا نص بعض العلماء على التّحريم، والأكثر على الكراهة؛ لأنّ منها ما يوهم معاني غير صحيحة ممّا لا يجوز إطلاقه، وكانت في أوّل حدوثها ألقابا زائدة عن الاسم، ثم استعملت أسماء..

الصنف الثامن: تكره التسمية بالأسماء المركبة؛ مثل: محمد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلاً هو الاسم، ومحمد للتبرك... وهكذا، وهي مدعاة إلى الاشتباه والالتباس، ولذا لم تكن معروفة في هدي السّلف، وهي من تسميات القرون المتأخرة.

ويلحق بها المضافة إلى لفظ "الله"؛ مثل: حسب الله، رحمة الله، جبرة الله؛ حاشا: عبد الله؛ فهو من أحبّ الأسماء إلى الله. أو المضافةُ إلى لفظ الرسول؛ مثل: حسب الرسول، وغُلام الرسول..

الصنف التاسع: كره جماعةٌ من العلماء التسمّي بأسماء الملائكة -عليهم السلام-؛ مثل: جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل، أما تسمية النساء بأسماء الملائكة؛ فظاهر الحرمة؛ لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله -تعالى الله عن قولهم-، وقريب من هذا تسمية البنت: ملاك، ملكة، وملك.

الصنف العاشر: كره جماعة من العلماء التّسمية بأسماء سور القرآن الكريم؛ مثل: طه، يس، حم.. "وأما ما يذكره العوامُّ أن يس وطه من أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- فغير صحيح".

   فهذا ما يتعلق بالأسماء من حيث تغيير سيئها، ومعرفة حسنها من مكروهها من محرمها. نسأل الله تعالى أن يصلح حال المسلمين، وأن يعينهم على التوبة إليه من كل المعاصي والسيئات، وأن يمن عليهم بحب النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وشريعته وبغض الكافرين ودينهم وعاداتهم السيئة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 

 

 

تغيير الأسماء:

كراهية بعض الأسماء لاشتمالها على تزكية للنفس:

   وكما أن تغيير الاسم يكون لقبحه ولكراهيته فقد يكون لمعنى آخر فيه مع أن الاسم قد يكون في ظاهره جميلاً، فقد روى البخاري في الأدب المفرد وأبو داود عن محمد بن إسحاق قال: حدثني محمد بن عمر بن عطاء: (أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فسألته عن اسم أخت له عنده، قال فقلت: اسمها برة، قالت: غير اسمها فإن النبي عليه الصلاة والسلام نكح زينب بنت جحش واسمها برة فسمعها تدعوني برة، فقال: لا تزكوا أنفسكم فإن الله أعلم بالبرة منكن والفاجرة، سمها زينب، فقالت أم سلمة: فهي زينب، فقلت لها اسمي، فقالت: غير إلى ما غير رسول الله صلى الله عليه وسلم سمها زينب) قال في السلسلة الصحيحة: وهذا سند حسن، فلأنه قيل إنها تزكي نفسها، مع أن اسم برة اسم جميلٌ في الظاهر فغيره عليه الصلاة والسلام لهذا السبب، وقال: لا تزكوا أنفسكم؛ الله أعلم بأهل البر منكم، ولذلك كان التغيير في هذا الاسم مستحباً لا واجباً.

   ويدخل في هذه الكراهية التسمية بالتقي والمتقي والمطيع والطائع والراضي والمخلص والمنيب والرشيد والسديد كما ذكر ابن القيم رحمه الله وقال: وأما تسمية الكفار بذلك -إطلاق اسم الطائع أو المنيب أو الرشيد أو البر أو برة على كافر أو كافرة- لا يجوز أبداً، ولذلك لو رأيت تاركاً للصلاة هاجراً دين الله واسمه محسن فلا تناديه بمحسن، وإذا رأيت تاركاً للصلاة هاجراً دين الله قد سمي مطيعاً فلا تناديه بمطيعٍ أبداً، ولو رأيت تاركاً للصلاة عاصياً لأمر الله مصراً على الفواحش واسمه منيب فلا تناديه بمنيبٍ أبداً، فإنه لم ينب إلى ربه.

   وأما تسمية الكفار من ذلك فلا يجوز التمكين منه، ولا دعاؤهم بشيء من هذه الأسماء، ولا الإخبار عنهم بها، والله عز وجل يغضب من تسميهم بذلك.

   وأما بقية الأسماء التي فيها معنى الصلاح، فلا يجب تغييرها وخصوصاً إذا كانت من أسماء الأنبياء، كصالح مثلاً، ولذلك كان تغيير اسم برة فيه خصوصية معينة في تلك الحالة وتلك الواقعة لا ينطرد على جميع الأسماء التي فيها معنى شبيه بذلك.

 

 اشمئزاز بعض أصحاب النفوس الضعيفة:

   ومن الأسباب على تغيير بعض الأسماء الحسنة أحياناً كما ورد في الحديث الصحيح: (لئن عشت إن شاء الله لأنهين أن يسمى رباح ونجيح وأفلح ويسار) وفي رواية صحيحة: (لأنهين أن يسمين بنافعة وبركة ويساراً) وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح) ما هو السبب؟ هل لأن الاسم قبيح؟ كلا، يقول عليه الصلاة والسلام  (فإنك تقول: أثمت هو؟) تأتي وتسأل عنه في البيت فلان موجود؟ فلا يكون موجوداً فيقال: لا، فيحصل التشاؤم والتطير بأن هذا البيت لا يسار فيه أو لا رباح فيه، وذلك عند الناس الذين تشيع بينهم مسألة التشاؤم.

   وفي معنى هذا: خير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك فإنه لو كان في البيت رجلٌ يقال له خير أو سرور أو بنت يقال لها: نعمة، فجاء إنسان فسأل: عندكم نعمة؟ فلو لم تكن موجودة سيقولون: لا، عندكم خير؟ فلو لم يكن موجود سيقولون: لا، عندكم سرور؟ فلو لم يكن موجوداً سيقولون: لا، ولذلك يحصل في بعض النفوس التي لم تتمكن منها عقيدة التوحيد نوعٌ من التشاؤم فلذلك كاد أن ينهى صلى الله عليه وسلم عنها إذا عاش، أو نهى أن يسمى العبيد بهذه الأسماء حتى لا يحصل التشاؤم بذلك ليس لأن الأسماء هذه قبيحة. فلأن بعض النفوس قد تشمئز وتتطير ويدخل هذا في باب المنطق المكروه نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وإلا فإن الاسم الجميل له فوائد في التفاؤل الذي هو من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ورد في الحديث الصحيح: (كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد) من الرشاد والنجاح فيتفاءل به وهو خارج إلى حاجته، إذا سمع يا راشد يتفاءل لأن الرشاد حليفه، والتوفيق صاحبه في هذه الحاجة.

   وتغيير الاسم الحرام واجب، وتغيير الاسم المكروه مستحب، ويجب أن يتعاون العباد فيما بينهم على هذا التغيير، فبعض الناس قد يكون اسمه محرماً كأن يكون معبداً لغير الله كما ذكرنا آنفاً، فعندما يغير اسمه فإنه ينبغي لأصحابه وأصدقائه أن ينادوه بالاسم الجديد وأن يتفادوا مناداته بالاسم الأول القبيح، وأن يعينوه على ذلك حتى لا يحرج، وحتى يشعر بأن الأمر طبيعي وهذا داخل في قوله تعالى: {وتعاونُوا على البرّ والتّقوى} [المائدة:2] ومن أسلم وكان اسمه معبد لغير الله أو يدل على شركٍ أو كفرٍ فإنه يجب عليه أن يغيره، وأن ينتقي بدلاً منه اسماً من أسماء أهل التوحيد، ولا يجب عليه تغيير اسم أبيه أو جده.

 


 

اسم الشركة أو المنتجات يؤثر في مبيعاتها:

   نشرت مجلة (The New Yorker) عام 2012م مقالا مأخوذا عن كتاب John Colapinto الذي يتحدث فيه عن أثر الأسماء التجارية على الشركة، حيث كانت المنتجات ذات الأسماء السلسة وسهلة النطق تحقق مبيعات أكثر من غيرها، كما أن الشركات ذات الأسماء السهلة قد حققت نجاحا أكثر من الشركات ذات الأسماء المعقدة.


 

 

بعض الأبحاث والدراسات:

   مقال فيه عدة أبحاث ومنها أربعة أبحاث في تأثير الاسم على الشخصية وبعض الأمراض العقلية:

http://www.behindthename.com/articles/2.php

 

دراسة في تأثير الاسم منشورة في مجلة أمريكية:

http://www.newyorker.com/tech/elements/the-power-of-names

 

دراسة في مجلة (نيويورك اليومية) تقول: أن اختيار اسم سيء للطفل يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات وقلة التحصيل العلمي وقد يؤدي للتدخين:

http://www.nydailynews.com/life-style/health/badly-chosen-baby-names-lead-self-esteem-education-smoking-study-article-1.1002198

 

عدة أبحاث في تأثير الاسم وحروفه على الشخصية:

https://en.wikipedia.org/wiki/Name%E2%80%93letter_effect

 

دراسة عن تأثير الاسم على الأطفال في صحيفة الجارديان:

https://www.theguardian.com/science/2007/apr/29/theobserversuknewspages.uknews

 

دراسة في مجلة (علم الحياة) عن تأثير الاسم:

http://www.livescience.com/6569-good-bad-baby-names-long-lasting-effects.html

أستاذ علم النفس في جامعة أوهايو (جيمس برونينغ) يتحدث عن تأثير الأسماء على الأطفال:

http://www.scienceandreligiontoday.com/2011/01/12/do-our-names-affect-our-personalities/

 

 

موقع (علم النفس اليوم) نشر مقالا فيه دراسة عن تأثير الاسم على الفرد والآخرين.

 

كما نشر موقع BBC الإخباري عدة أبحاث في أسماء طلاب الجامعات وتأثير أسمائهم عليهم.

 

وهناك عدة أبحاث أخرى في عدة جامعات من مختلف الدول ولكن نكتفي بما سبق.

 

 

 

كيف تختار الاسم:

 

1- اختر الاسم الذي يتضمن المعنى الأجمل، فهناك معاني جميلة وهناك أجمل.

2- ابتعد عن التعقيد في الاسم، أو الاسم الذي فيه حروف غير متجانسة.
هناك فن يسمونه (موسيقى الحروف أو جرس الحروف) وهو يعنى بفن تركيب الكلمات وتناسق حروف الكلمة مع معناها، فبعض الحروف لا يقبل أن يكون مع غيره في اسم أو كلمة لأنه يحدث عند السامع نفرة من وزن الكلمة وجرسها،
لا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى أن ندعو كل إنسان أن يتعلم (جرس الحرف) لأن ذلك مما يُدرك بالطبيعة والسليقة كما يقال مثل جرس الألحان عند الإنسان.

3- كلّما كان الاسم من وسط بيئة الإنسان نابعاً من تاريخه وثقافته كان ذلك أشدّ في تأسيس الانتماء عند الطفل، وذلك من الأمور التي تعزز هوية الطفل.

فالذي اسمه (محمد) شعوره بالانتماء والهوية أقوى من شعور من اسمه (جوزيف) أو (هتان) ونحوها!

والطفلة التي اسمها (أسماء) شعورها بالانتماء وتعزيز هويتها أقوى من تلك الطفلة التي تنشأ على اسم (تولين) و(ناريمان)!

هنا لا أنتقد اسماً بعينه على قدر ما أردت التمثيل على هذه الجانب المهم في تعزيز هوية الطفل من خلال اختيار الاسم له.

4- الأسماء الغريبة أو الطويلة أو التي فيها عجمة ظاهرة مثار للسخرية والتندّر.

5- تجنّب الأسماء التي تحوي (تزكية) أو التي تحوي معانٍ قبيحة.

وسبق أن النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسم ( برّة ) إلى زينب، وهناك بعض الأسماء لا يُفهم منها التزكية وإنما العلميّة المجردة من مثل اسم (صالح) و(نافع) ونحوها فلا بأس من التسمّي بها.

6- تجنّب الأسماء التي فيها تعبيد لغير الله تعالى.

من مثل اسم (عبد النبي) أو (عبد الرضا).

   ومن باب الفائدة فإن اسم (عبد المطلب) جد النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه تعبيد لغير الله، لأنه كان يُنادى بهذا الاسم من باب وصف الحال، فإن (عبد المطلب) اسمه شيبة الحمد، وإنما لقب بـ (عبد المطلب) لأنه كان عند أخواله بني النجار في المدينة لما توفي والده، وذلك أن هاشماً كان متزوجاً من بني النجار من أهل المدينة ومات وترك ولده شيبة الحمد عند أخواله في المدينة، وبعد موته ذهب المطلب أخو هاشم وعم شيبة الحمد إلى المدينة وأتى بابن أخيه ليكون عند أعمامه، فلما دخل به مكة ظن أهل مكة أنه عبدٌ اشتراه المطلب فقالوا: هذا (عبد المطلب) على سبيل الوصف لا التسمية، فقال لهم المطلب: لا، إنما هو ابن أخي هاشم، ولكن غلب عليه ذلك اللقب وصار لا يسمى إلا بعبد المطلب.

   ومن هنا كان قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) ليس فيه إقرارًا بجواز التسمية بهذا الاسم لأمور:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك على سبيل الإخبار لا على سبيل الإنشاء.
- أنه تبيّن لنا أن (عبد المطلب) لم يكن اسماً بقدر ما هو وصف للحال، والمقصود بالتعبيد هنا هو (عبوديّة الرق) لا عبوديّة (الذل والخضوع).


   وأخيراً يقول صلى الله عليه وسلم:" إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم" رواه مسلم.


بارك الله لكم في الموهوب، وشكرتم الواهب، ورزقكم بره.

 


 

أمثلة من الواقع:

هذا مقال سبق أن كتبته قبل سنة، وهو بعنوان:

التنبيه الإيماني.. من اسم "لارا" الشيطاني!

وعلم الأسماء بين المعنى الظاهر والباطن

 

وسأختصر منه ما يفيد لأن بعضه قد ذكرته آنفا في هذا الكتيب:

 

لماذا كراهية الأسماء: نجاح - رباح- أفلح: بالرغم من أن معانيها جميلة وإيجابية؟

لأن فيها معان داخلية تؤثر سلبا على الشخيصية، فاسم نجاح يدل أن الشخص لا يعرف هدفه في الحياة وهو يسير في طريق ويظن أنه خير وهو في الحقيقة شر، فيطبع هذا الاسم هذه الصفة في المرء بحسب "علم الأسماء" الذي يعرفه أهل العلم.

واسم "رباح" فهو اسم يدل على القوة والحزم.. لكن قوة في الشر لا في الخير! فهو مع الشر ضد الخير.

واسم "أفلح" فهو  {كذاب أشر}! فهو لا يدل على معنى الفلاح إطلاقا!

واسم "حرب" فهو اسم يدل على الحرص على الفتن.. فيقع في الفتن ويوقع الناس معه!

فهذه الأسماء عكس ظاهرها، وليست كاسم: سهيل الذي يعتبر باطنه كظاهره.

وهكذا...

 

لارا: هذه الكلمة اليونانية تعني: المشرقة والمضيئة، وتعني كذلك الحماية، هذا في الظاهر، لكن المعنى الباطني لهذا الاسم بحسب علم الأسماء:

أول حرفين منه: لا

وفي علم الأسماء يستفاد من الاشتقاق في بيان معان كثيرة.. فنحن نقول "لا إله إلا الله" وكذلك في الحديث "لا نبي بعدي".

فالمعنى البعيد لهذا الاسم: [لا إله - لا نبي] نعوذ بالله!

فهو اسم شيطاني يجعل الفتاة تقاوم شرع الله وتسير في طريق الإلحاد.

ومن دلائل هذا الاسم كذلك هو التعاون أو الخدمة، لكن ليس للإنس بل للعالم الآخر، فبعض الفتيات كانت تحصيناتها جيدة ولم يجد الشيطان عليها سبيل، وبعد تغيير اسمها لهذا الاسم وبعد فترة وقعت في شباكهم!! ظنا منها أن الاسم يعطيها الحماية لكنه عكس ذلك!

 

ما مصداقية علم الأسماء؟

هو علم استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم وله أهله، وهو علم صحيح لكنه يحتاج لخبرة واسعة وحفظ واسع، والأسماء لا تؤخذ بمجرد معانيها الظاهرة بل قد يكون لها دلالات بعيدة معاكسة للاسم الظاهر.

 

فلو أخذنا بعض الأسماء وحللناها سنجد أنها حقيقية في الصفات مثل:

ريم: بشوشة واجتماعية.

مريم: شخصية قوية وجريئة.

ريما: مزاجية.

نور ونورة: كتومة.

سندس: متكلمة جيدة وخدومة كثيرا وذكية ولكن يشوب ذكاءها خبث.

رزان: متكلمة جيدة ولكنها أقل من (سندس) في الخدمة.

جمانة: قيادية.

لولوة: لحوحة وصاحبة قلب أبيض لا تحقد.

تاليا: حقودة.

تاليه: حساسة وليست حقودة.

شيماء: اقتصادية ماديا.

هبة: تحب الاجتماعات والمخالطة وطبعها حار.

نوف: رومانسية تحب كلمات الغزل.

سميرة: مطيعة وهادئة.

سلوى: ذكية واجتماعية.

غادة: مسامحة وعاطفية كثيرا.

موضي: مجادلة وعنيدة وتفكر بعاطفتها.

الخزامى: عكس صفات اسم (موضي) فهي لا تجادل وليست عنيدة وتفكر بعقلها.

تغريد: عنيدة وقد تحقد حقدا حادا.

خلود: عنيدة وتحب تملك كل شيء.

أحمد: خدوم ويحب المرح.

صالح: عنيد مثل الجمل.

معاذ: عصبي.

 

 

فلو تعرفون أحدا بهذه الأسماء ستجدون أن الصفات تنطبق تماما عليهم، وهناك صفات أخرى يعرفها المتخصصون ولكن هذا جزء بسيط جدا فقط.

 

ويستخدم علم الأسماء للتوافق الزوجي، فحتى تكون الصفات متكافئة ويحدث الانسجام، فمثلا:

الرجل اسمه: أحمد، والفتاة اسمها: شيماء

فأحمد وشيماء لا يتناسبان لأن شيماء ستسيطر عليه ولن تجعله ينفق المال كما يريد بحكم أنها اقتصادية!

 

الرجل: معاذ، الفتاة: أنيسة

فأنيسة قيادية ومعاذ عصبي والسيطرة ستكون لأنيسة فلا يتوافقان.

 

 

الرجل: لافي، الفتاة: نوف

لا يتناسبان فالرجل سيسيطر على الفتاة ويتسلط عليها.

 

الرجل: سلطان، الفتاة: يارا

لا يتناسبان فسلطان مزاجي ويارا حساسة فهو يلعب بأعصابها.

 

الرجل: خالد، الفتاة: تهاني

لا يتناسبان لأن خالد يلف ويدور على تهاني وتنخدع فيه كثيرا، رغم أنه صبور على عصبيتها.

 

الرجل خالد، الفتاة: دعاء

يتناسبان، لأن خالد لا يستطيع هنا اللف والدوران مع دعاء.

 

وقد يكون الشخص ذو وجهين مثلا بالمقارنة مع اسم زوجته.. والعكس.. وهكذا..

 

 

لماذا تغيير الاسم؟

قد يغير الرجل أو الفتاة اسمه لعدة أسباب أكثرها شيوعا:

١- أن يشعر أن الاسم سبب في جلب السلبيات.

٢- يظن أن لديه سحرا مرتبطا باسمه.

٣- إعجاب باللفظ والمعنى الظاهري للاسم دون دراية في علم الأسماء الذي لا يعرفه إلا قلة.

...... وغيرها.

 

ونجد هنا بعض الحلول لما سبق:

١- قد يكون الاسم فعلا جالبا للسلبيات فيجب تغييره، ولكن بعضهم يغيره لاسم سيء مثل: "نجاح" "فلاح" "لارا"!

وبعضهم ليست المشكلة باسمه ولكنه مصاب بحسد أو سحر... فأثرت عليه فهو يحتاج فقط للعلاج وينتهي الموضوع بإذن الله! وهذا يحدده صاحب الخبرة.

 

٢- أما وجود سحر على الاسم فهذا علاجه سهل بالرقية عند الرقاة.

 

٣- أما مجرد الإعجاب باللفظ دون النظر لدلالته البعيدة عند أهل الاختصاص فهذا شره أكثر من خيره، وهنا يجب سؤال المختص عما يناسب الشخص فلكل له الاسم المناسب بحسب ارتباطه باسم الأب خاصة، واسم الأم كذلك.

فقد يسمي نفسه باسم يجعله لا يقبل أبيه، وباسم آخر قد لا يقبل أمه، لذلك صاحب الاختصاص يقوم بالربط بين ذلك ليختار له اسما يريحه ويريح والديه وأبناءه لاحقا بإذن الله.

 

مثال على اسم [محمد] مع اختلاف اسم الأب:

محمد أحمد: عصبي

محمد خليل: مزاجي

محمد حر: متسلط

محمد عبده: زعول (يزعل بسرعة وكثيرا)

محمد محمود: ذو وجهين

 

وقد سألت خبيرا عن رأيه في تسمية ابنتي: عائشة، فقال: ستكون دلوعة أبوها، فقلت له: وأمها؟ قال: بحسب اسم الأم.

 

فمن يغير اسمه لاسم سيء أو اسم شيطاني فلا نناديه به، ولا نكن عونا للشيطان على إخواننا وأخواتنا.

 

ونحن لسنا ضد فكرة تغيير الأسماء لكن ننوه إلى الاختيار السلبي منها، أو بالنظر إلى ظاهر الاسم وترك باطنه مثل: أفلح ونجاح، وخصوصا لارا الذي يضرب في التوحيد والعياذ بالله.

وأسأل الله تعالى أن يعلمنا ما جهلنا..

وبالله التوفيق

 

[الصفات المكتوبة للأسماء بشكل بسيط وإلا فعلم الأسماء يعطي تحليلا دقيقا واسعا للشخص].

 

 

 

معرفة صفة "ذو الوجهين" من خلال الاسم:

   كما ذكرنا فإن الاسم يترك أثرا على صاحبه، وكذلك اسم أبيه وعائلته له دلالة على صاحب الاسم، وصفة "ذو الوجهين" يمكن اكتشافها من خلال اسم الشخص واسم أبيه، وتظهر إذا كان الفرق بين حروف اسم الشخص واسم أبيه حرفا واحدا فهو تنطبق عليه هذه الصفة، سواء كان الحرف الفارق زائدا في اسم الشخص أو زائدا في اسم أبيه، ولنأخذ أمثلة على ذلك:

سعد سعيد – أو: سعيد سعد (فرق الحروف هو الياء الزائدة عن اسم الشخص في اسم الأب).

حمد حمود – حمود حمد

محمود محمد – محمد محمود

حمد محمد – محمد حمد

سعود سعد – سعد سعود

عمر عمرو – عمرو عمر

أحمد حمد – حمد أحمد

حسين حسن – حسن حسين

ومن أسماء البنات:

خالدة خالد  -  سُعدى سعد  -  بدرية بدر  -  سعاد سعد  -  راشدة راشد  -

نبيلة نبيل  -  أمينة أمين

   ونلاحظ أن اسم الشخص واسم أبيه إذا كان من نفس الحروف مع (نقص أو زيادة) حرف لأي من الاسمين فتنطبق عليها الصفة، مع التنبيه أن تغيير حرف من الحروف لا تنطبق عليه الصفة، مثلا (محمد أحمد) لا تطبق عليه الصفة لأن عدد الحروف نفسه لاسم الشخص وأبيه، ولكن تنطبق في حال زيادة حرف لأي من الاسمين.

 

 

الخاتمة:

   أضرب هنا مثالا، فقد ألف خبير فقه اللغة الدكتور عبد الصبور شاهين كتابا عن أصل الخلق واستشهد ببعض الكتب المتكلمة في أصل الخلق، فرد عليه الدكتور زغلول النجار: "لم تحسن اختيار الكتب والمصادر، ولا تستطيع أن تحكم فيها بين الصواب والخطأ، وموضوع لا تستطيع أن تحكم فيه فلماذا تدخل فيه؟ لقد خضت أرضا ليست بأرضك! ودخلت تخصصا ليس من تخصصك!"، والدكتور المتخصص في اللغة لا يرد على الأسئلة إلا بقوله "هذا رأيي وفهمي" أو "هذه كتبكم وما نقلته منها"!!

   فإذا كنت أخي الكريم لست من أهل هذه العلوم فاتركها لغيرك أو خذها مباشرة من المتخصصين الثقات المسلمين، ولا تعتمد على الكتب التي لا تعرف منهجها هل هي صحيحة أو خاطئة وأنت لا تستطيع أن تحكم فيها، "فمن كان معلمه كتابه؛ كان خطؤه أكثر من صوابه".

   وأرجو ألا تستعجل الحكم على العلوم القديمة أو الحديثة، والعبرة ليست في الأصل في هذه العلوم، فأكثر العلوم الحديثة – وخاصة الطب والتقنية - قادمة من المشركين في الغرب، فلماذا لا تُنكر؟

   والعنب والتفاح طيب حلال، وإذا تخمر صار حراما، ثم إذا تخلل صار حلالا طيبا، فإذا كانت العبرة بالأصل فلماذا يكون الخمر حراما وأصله حلالا؟

   ولماذا الجيلاتين الحيواني والذي يكون من عظام الحيوانات أو شحوم الخنزير – أكرمكم الله - والمستخدمة في صناعة الكبسولات الدوائية حلالا؟ وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي بجواز استخدامه في الكبسولات الدوائية وتناوله رغم أن أصله حراما قذرا؟!

   والرقية في الجاهلية كانت فيها شركيات ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركها كلها، بل أمر بحذف الشرك الذي فيها فقط.

   أيها المحرّمون بلا علم ولا اطلاع صحيح: ابتعدوا عما لا شأن لكم فيه، وابتعدوا عن غير تخصصكم، واتركوا العلم لأهله، وإياكم والإرهاب الفكري بأن تجعلوا كل شيء حراما وأن أصل أي شيء من الشرق أو الغرب حراما! وابتعدوا عن التصحّر الفقهي والعلمي.. فقد أضحكتم عليكم المتعلمون، وجعلتم كتاباتكم دليلا واضحا على جهلكم، فاحذروا أن تحرموا ما أحل الله.


 

[1]- ذكره الشيخ (إدريس بن الماحي الإدريسي) في كتاب (معجم المطبوعات المغربية) (ص73).

[2] - ذكره (محمد حمزة الكتاني) في كتابه (منطق الأواني بفيض تراجم عيون اعيان آل الكتاني)(ص147).

[3]- قال ابن سيده: الكُلُوحُ و الكُلاحُ بُدُوُّ الأسنان عند العُبوس. وإنما غيره r لهذه الصفة القبيحة التي في هذا الاسم.

[4]- (البخاري) (1872) و(مسلم) (1392).

 

 

 
Open Stats2 Database Failed
Error Number: 1045Error Description: mysql_errorQuery: SELECT * FROM stats_day where date='2024-03-19'strWhere: